الاثنين، 29 ديسمبر 2008

الزربية في الجزائر

أذا كان الإنتاج الصناعي للزربية يميل لتقديم تشكيلات مستوحاة من أفق مختلفة لتلبية ذوق جمهور واسع من بين الزبائن ، فإن الإنتاج الحرفي بقي الضامن لفرادة خاصة بكل منطقة من الجزائر. فمن جهة ينتج الشرق الجزائري زرابي مميزة (الحراكتة، النمامشة، القلاطمة، الڤرڤور)، و من جهة أخرى يتميز الغرب بأنواع لا تقل تميزا مثل زرابي جبل عمور و القلعة.
زربية جبل عمور وهي مدينة افلو التابعة لولاية الاغواط سنة 1938، بصوف غزيرة وعقد مربوط (نوع عموري)
تبين الصورة مخمل الزربية الأزغب مع زخرفة هندسية.



زربية جبل عمور المنتسبة إلى هضبة و جبال عمور المجاورة، أي المنطقة الممتدة من السوڤر (عاصمة جبل الناضور) إلى البيض التي تبعد عنها حوالي 200 كيلومتر، حافظت بلا منازع على حيويتها. صوفها الغزيرة المشكلة لفراشها الناعم، و ديكورها الإغريقي الغريب معين الشكل المنتشر على كل مساحتها بألوانها الكمدة المازجة بتساوي بين الأحمر و الأزرق مع نبرات من الفوارق اللونية من الأخضر، تجعل منها زرابي معتدلة و فاخرة في آن واحد.
نحصر هذه الزرابي على منطقة الهضاب العليا في الغرب الجزائري بل تمتد إلى الهضاب الشرقية و هضاب شرق المغرب، حتى أنها تتغلغل إلى واحات الصحراء.



التوزيع الجغرافي لصناعة الزرابي في الجزائر



تعتبر زربية القلعة ( القلعة القديمة لبني راشد) من نمط مختلف، مدينة صغيرة من أصل بربري معلقة بمنحدرات الجبل المرتفع بين غليزان و معسكر. بحلياتها البيضوية المؤطرة متممة برؤوس زغباء ذات رسوم هندسية صغيرة. هذا النوع من الزرابي يجمع بين الترتيبات البربرية و الشرقية التي لا شك أنها أدخلت في الوقت الذي عرفت فيه القلعة أوجها في القرن الثامن عشر. لا مجال هنا للانسجام الهادئ والأصم لزرابي جبل عمور. مثل زرابي القيروان و الرباط، زربية القلعة هي متعددة الألوان : في القطع القديمة، الأصفر، البرتقالي و الأبيض متضادة مع الأحمر الأخضر و الأسود مشكلة فوارق لونية رائعة.






زرابي قلعة بني راشد في أوائل القرن العشرين.
تبين الصورة قصر الصوف الغزيرة للزربية


عموما نجد هذا النوع من الزرابي ذات الصوف الغزيرة و العقد المربوطة في مناطق الغرب الجزائري و الوسط جنوب الجزائر العاصمة التي تشمل جبال القصور، جبل عمور و جبال اولاد نايل. في هذه الجهة الشرقية من البلاد تعد مناطق مثل جبال النمامشة، الحضنة، الڤرڤور، الأغواط، بسكرة، شرشال، صور الغزلان من أهم المناطق المعروفة بالزرابي ذات العقد المربوطة. في الأوراس يتم النسج بشعر الماعز و الصوف باستعمال زخارف بسيطة متكونة من أربطة عريضة مزينة بمعينات ذات ألوان مختلفة.
يقع جبل الڤرڤور بين سطيف و بجاية، الزربية المصنوعة في هذه المنطقة ذات شكل ممتد غالبا ما كانت مصدر إيحاء لقطع شرقية. حرفيي الڤرڤور يحضرون الصوف من نهاية الصيف لبداية الخريف. بعد جز الخرفان غالبا ما تكون العادة أن نسج الزرابي يتم في إطار عائلي متناقل عبر الأجيال.







زربية من منطقة الأوراس


نساء المناطق الجبلية(القبائل الكبرى، الصغرى، و الأوراس) تقوم بنسج قطع كبيرة جدا ذات زخارف جميلة تثنى و تشد إلى صدورهن مشكلتا بالتالي زيا خاصا بهن (تكحاللت، الحايك). تعبر الزربية البربرية الأصيلة هي منذ أمد طويل عن أحاسيس المرأة البربرية، انفعالاتها و أفكارها. فهي تصف قبل كل شيء الحمل و الإنجاب.
تعبر فيها المرأة عن رغبتها في الإنجاب و التعمير التي تعتبر في نفس الوقت واجبا اجتماعيا لترسيخ العائلة و القبيلة، لهذا نجد أن سلاسل المعينات (و شبيهاتها المتعددة الزوايا) لا تفسر على أنها مجرد صفوف تزيينية من زخارف، بل تعبر ولادات متتالية. رمزية الأفعى في منطقة القبائل هي مرادفة للرجولة. ناذرا ما تمثل بصفة رمزية، غالبا ما يعبر عنها بطريقة مجردة بواسطة خط منكسر يقلد حركاتها.





زرابي بربرية



الجنوب الجزائري الكبير غني بتقليد حرفي قديم مثل زرابي تانفساس بتيميمون (ڤورارة) حيث يغلب عليها أحمر بني و أخضر داكن ممزوج بقليل من الأصفر، و هي قطع بمقاس ثلاثة أمتار طولا على متر و خمسون سنتمترا عرضا، ذات عقد مربوطة إلا في المنطقة المركزية، و تكون زغباء في الطرفين أين يتمازج وبر الجمل مع الصوف (أصل هذه من جبل عمور)، و هي تصنع لتباع في منطقة التديكالت و عند طوارق الهڤار.
تتميز منطقة وادي سوف بزرابيها المربوطة يدويا و المزينة برونق بصليب وادي سوف المشهور.


دكالي من تميمون (ڤورارة)


نماذج لزرابي من منطقة السوف

حول الزربية



في المغرب


أدخلت القطع الأولى إلى وأوروبا مع الحروب الصليبية. أصبحت البندقية مع ماركو بولو في القرن الثالث عشر أهم منطقة لاستيراد الزربية. انطلاقا من القرنين الرابع عشر و الخامس عشر أصبحت الزرابي الشرقية موضوع رسومات إيطالية و فلمندية (لوطو و هولباين خاصة). كانت مجموعة زرابي آن ملكة النمسا مذهلة، حيث أن معاصري إليزابيث الأولى صرحوا أن الملكة مولعة بالأنسجة الحريرية الصينية و زرابي تركيا و بلاد فا رس.


من الزربية الى فن البساطة



خلال القرون الوسطى و إلى غاية حرب مائة سنة، أصبحت منطقة إيل دي فرانس (l'lle-de-France ) أكبر منتج للبساطات و تعتبر باريس عاصمتها بلا منازع. حينئذ طردت الحرب ونهب المدن السدائين نحو الشمال أين أنشؤوا ورشات آراس.
في نهاية القرون الوسطى أصبحت الأبسطة تعالج مواضيع ملحمية. إذ جعل الملوك و الأمراء ينسجون مشاهد مباراتهم، معاركهم ،انتصاراتهم و خرجات الصيد. إذ تبقى تلك الفترة من أغزر العصور إنتاجا بتحفها الرائعة .
مع النهضة و مع قدوم الفنانين الإيطاليين تغير نمط البساطات جذريا. مازجا بين فن الرسم و البساطة أدخل رافييلو فن التركيب، النظام، الوضوح، المنظور، الديكور،الإطارات و الزخارف الرائعة التي ميزت هذا العصر.
في فرنسا حوالي سنة 1530 أنشأ فرانسوا الأول بفونتانبلو أول معمل ملكي للبساطة. نحو 1660 أنشأ كولبير معمل في غوبلين، و آخر في بوفيه أربع سنوات من بعد تحت رعاية لويس الرابع عشر. تم جمع ما يزيد عن 800 رسام و صانع زرابي بغوبلين في باريس تحت إدارة شارل لوبران الذي كانت فكرته تخصيص الفنانين حسب مواهبهم و ميولاتهم.

بساطة أوبيسون قديمة



بساطة فرنسية من الحرير للقرن الثامن عشر، تمثل احتفالات عرس بتفاصيل نادرة


في القرن السابع عشر عاد استيراد الزرابي مألوفا. احتوت قصور فارساي و اللوفر قطعا رائعتا كانت محل إعجاب مادام دي بامبادور ومن بعدها ماري أنطوانيت. جلب جنيرالات نابليون حوالي 2000 قطعة من حملة روسيا.
و ضعت الثورة حدا للمهارة الإبداعية لصانعي الزرابي. رغم ذلك أعيد فتح سنة 1795 معامل بوفيه، أوبيسون و فالتين و حتى القرن التاسع عشر كان يتم نسخ رسومات أكبر رسامي الجدرانيات للمعامل الملكية.

نحو التصنيع


تغيرت تقنيات فن البساطة عبر القرون إذ أنه شرع في مكننة النسيج سنة 1733 حين تخيل الإنجليزي جون كاي آلة تدار بالرجل تقذف المركبة من جهة للأخرى من سداة النسيج. حوالي سنة 1757 صنع جاك دو فوكونسون نولا بسدى أفقية أدخلت عليه بعض التعديلات على يد جوزيف ماري جاكار (1752-1834) بإدخاله أنوال تعمل ببطاقات مثقوبة تسمح بإنجاز أنسجة جد معقدة.


زمن التشريفات


متضررة بثورة النسيج الصناعية في القرن التاسع عشر، أعيد إنقاذ الزربية في العشرينيات و الثلاثينيات بفضل انفجار الفنون الزخرفية. حتى العصرانيين أنجزوا قطعا خاصة بهم، فريدة موقعة و مرقمة. راهنت الستينيات على المزج بين المواد الاصطناعية مثل السورنيل و الصوف الطبيعية. الفلوكاتيس، زرابي يونانية ذات الشعر الطويل زينت صالونات جيل الهبي.
جلب الجوالة المارين بطريق الحرير من رحلاتهم الأولى لكتماندو زرابي مسطحة المعروفة بالكيليم. "ثلاثون سنة مضت لم يكن أحد يسمع حتى باسمهم، و اليوم بعض القطع تبتز بأثمان باهظة" يكتب هانري دوماس، مدير قاعة عرض التريف، الذي كان من بين الأوائل الذين كشفوا عن هذه الزرابي للجمهور الفرنسي. " في تركيا لم تكن لها أية قيمة، إذ كانت تباع بالمكيال و تستعمل لتغليف البضائع. كانت تنسج في القرى، دون أي غرض تجاري فحافظت على أصالتها."
اليوم مع موجة الإستشراق في الغرب ، تعود الزربية الشرقية مطابقة لذوق العصر وتجد صدى كبير في الدول الأروبية (ألمانيا، هولندا، البرتغال، إنجلترا)، و حتى الولايات المتحدة الأمريكي

اصول الزربية

اصول الزربية


أقدم أثر للزربية حدد بمنطقة القوقاز و آسيا الوسطى. و حاليا ثلاثة بلدان تملك عادة عريقة في صنع الزرابي. يتعلق الأمر بإيران، تركيا و القوقاز. جانبا إلى" الثلاثة الكبار" تأتي بلدان آسيا الوسطى التي تتكون معظم شعوبها من التركمان (أفغانستان، أزربايجان، أوزبكستان، تركمنستان، كازخستان، تادجاكستان بالإضافة إلى سين كيانغ الناحية الغربية للصين الشعبية). هذه البلدان ذات إنتاج محدود نسبيا، ترتبط بالفروع التركية الكبرى التي كانت في القديم تمتد من إسطنبول إلى الصين.
تليها المستعمرات القديمة للدولة العثمانية : مصر بزرابي المملوك الشهيرة، تونس و الجزائر و أيضا بلدان البلقان (رومانيا و يوغسلافيا سابقا) طالما كانت تحت التأثير التركي. في هذه البلدان الأخيرة سمح إنتقال المهارات لبروز أنواع خاصة من الزرابي المحلية





في المشرق





في القرن التاسع قبل الميلاد، كانت تباع رقيقات ناسجات الزرابي بمبالغ باهضة. كانت الزربية حاضرة في جل أقطار مصر في كل الصور و النحوت. حتى أن كليوباترا تسللت إلى شقق القيصر يوليوس ملتفة داخل زربية.
يذكر المؤرخون أن ألكسندر أهدى زرابي لأقاربه بمناسبة إنتصاره على داريوس سنة 334، وقرر على إثره بحماية النساء الناسجات من كل سوء معاملة. من غنائم حرب تحولت الزربية إلى علامات غنى في كل المشرق، إذ تعتبر عنصر هام لبدخ مذهل.
الزخارف الممثلة على الزرابي التركية سليلة إرث قبلي و التي تتواجد بتركمانستان ،القوقاز و إيران، غالبا ما تكون مستنبطة من رموز غولية لقبائل آسيا الوسطى، و التي تشكل حليات بيضوية من كل الأشكال و المقاسات.
كانت الورشات الإيرانية قديما مصانع في خدمة البلاط، و هي تستمر حتى اليوم في نشاطها رغم عددها القليل. حيث أن تقنيات العقد مازالت نفسها التي كانت تستعمل في القرن التاسع عشر في عهد الدولة الصفوية، حيث أنه يعتبر بلا نزاع العصر الذهبي للعقد. تتواصل إلى غاية يومنا هذه الورشات في إشعاع الحس المرئي و الجمالي للإيرانيين من خلال هذا الفن الذي حافظ على شعبيته. غالبا ما تشهد هذه الورشات الموجودة في أكبر المدن قدوم وفود هائلة من الزوار.






صناعة الزربية في ارمينيا 1

2


(1) زربية أرمينية قديمة (2) زربية أرمينية كاراباغ : أواخر القرن التاسع عشر (1,40م ´ 1,65م)


يحكى أن جانجيس خان كان يحمل معه تشكيلاته من الزرابي إلى مواضع مخيماته، وأن رغم سمعته الرهيبة كان يحافظ عن رؤوس صانعي الزرابي أينما مر. لم تتم المبادلات التجارية الكبرى للزرابي بين الشرق و الغرب إلا انطلاقا من فترة شارلومان. بعدها انغلق الشرق إلى غاية الحروب الصليبية حيث سهل تطور الجمهوريات التجارية الإيطالية مما سمح إلى تكثيف المعاملات التجارية.
أصبح سكان البندقية من أهم المستوردين، و أكد ماركو بولو ،الذي أصبح خبيرا بمقتضى رحلاته البعيدة، في كتاباته أن أجمل القطع تأتي من تركيا.
في الوقت الذي يعزز فيه فرانسوا الأول الروابط بالشرق بتحالفه مع سليمان القانوني، أصبحت الزربية هدية دبلوماسية. النطاق الأخير للبلدان المنتجة للزربية الشرقية يضم كل من الصين الهند و الباكستان. يمكن وضع الصين على حدا بفعل أنها تمتاز بإنتاج خاص. في الهند اكتسبت الزربية أرقى سمعة لها في عهد المغول (من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر). يشهد الباكستان انطلاقا من الستينيات إنتاج مهم للزرابي الرخيصة ذات الزخارف المأخوذة من الزرابي القوقازية و الفارسة.

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

الزربية في الجزائر

ظهور الزربية
كانت تصنع الزربية قديما من طرف الرحل، و كانت تعد شيئا ثمينا يسمح بالمقاومة ضد البرد و رطوبة الأرض، حيث أنها حلت محل جلود الحيوانات سهلة التمزق. إضافة إلى هذا كانت تقوم بوظيفة غطاء أو فراش.

نوع آخر من الزربية، يعرف بالكيليم، كان يستعمل كستار عازل بين موضعين في الخيمة، أو لتغطية الأمهاد. بقيت الزربية محافظة على وظيفتها عبر الزمن، مغرية الشعوب الحضرية. أخذت بعد ذلك مقاسات الزرابي تتوحد نسبيا، كما تركت صفات كالنوعية و الصلابة شيئا فشيئا مكانها لعنصري الجمال و الراحة.

اقدم زربية

زربية بازريك 1,83م ´ 1,98م




أقدم زربية وجدت هي زربية بازريك، اكتشفت سنة 1947 بجبال الألتاي بسبيريا الوسطى من طرف عالم الآثار الروسي رودانكو. تم العثور عليها ألفين و خمس مائة سنة، في شكل جيد. تندرج زربية البازريك، المسماة نسبة لواد بسيبيريا أين تم العثور عليها، في قائمة الكنوز الأثرية المجمدة. محفوظة بصفة جيدة بفضل البرد كانت تزين ضريح زعيم سيتي، وهي الآن قطعة أثرية معروضة بمتحف الأرميتاج بسان بيتارسبورغ حيث يتوافد عليها زوار من جميع أنحاء العالم.




يقول الأتراك أنها زربية تركية بفعل أنها اكتشفت بجبال الألتاي، مهد الشعوب الألتية، وأن نوع العقدة هو من نوع قورداس المتواجد في تركيا.

كما أن الإيرانيون يقولون أنها زربية فارسية لأنه من بين زخارف الزرابي يوجد عنقاء مغرب، الحيوان الخرافي المعروف في الأساطير الفارسية القديمة ذو جسم أسد و رأس و أجنحة نسر. أما الأرمينيون يقولون أنها زربية أرمينية لأنه من بين الزخارف الممثلة هناك فرسان يمتطون أحصنة كبيرة.

احد نشاطات هذه الجمعية في مركز عويفات افلو سنة 2007

تصميم زاوي تس